.png)
Mango_28732 🇪🇬
منذ أسبوعين
.
شعور ضاق ذرعًا
أنا حقيقي تعبت… مش من يوم ولا من سنة، ده تعب عمر… تعب سنين مليانة وجع وقهر وصمت. أنا طول عمري حاسس إني مولود في المكان الغلط، في الزمن الغلط، وسط ناس عمرهم ما شافوني بني آدم. اتربيت وسط عيلة كل واحد فيها شايفني “عدو”، مش ابن… مش واحد من دمهم، لأ، كأنهم بيشوفوني شُبهة… حاجة لازم تتعاقب على وجودها. طفولتي؟ كانت عبارة عن جحيم بشري متغلف بكلمة “تربية”. ضرب، صريخ، إهانة، تحقير، تذليل… كل تصرف بسيط مني، حتى لو مش غلط، كان بيترد عليه بعلقة أو شتيمة أو حرمان أو تكسيري من جوه. مفيش مرّة سمعت كلمة طيبة من حد. مفيش ضحكة حقيقية… مفيش حضن… مفيش “أنا فخور بيك”… ولا حتى “أنا شايفك”. كان مطلوب مني أكون مثالي… حرفيًا ملاك، ممنوع أغلط، ممنوع أضعف، ممنوع أتكلم،ممنوع اخرج وأصاحب حد ولو حصل؟ الجواب: الضرب، السخرية، المقارنات، العقاب النفسي والجسدي، الحرمان، التجاهل التام. كل واحد في العيلة كان بيأذيني بطريقته: اللي بيمد إيده ويضرب لحد ما أصرّخ واللي يقول لي كلام يكسّرني ويخليني أكره نفسي واللي بيتجاهلني كأني مش موجود واللي بيقارنني بأي حد وكل حد… ويقول لي دايمًا “مش نافع… فاشل… قليل… مالكش لازمة” بس كل ده مكنش كفاية… اتعرضت لتحرش، وأنا لسه طفل. مقدرتش أتكلم… كنت خايف، كنت لوحدي، حاسس بالعار، بالغُصة، بالقرف… وماكانش فيه حضن يطبطب، ولا كلمة تطمن، ولا حتى ودن تسمعني. كبرت… وكل يوم كنت بشوف صحابي عندهم أهل بيحضنوهم، بيسمعوهم، بيفرحوا لفرحتهم، وأنا؟ كنت بعيط لوحدي في الضلمة، ببكي لحد ما نفسي يتقطع، قلبي بيكركب في صدري من كتر القهر، كنت بنام وأقوم ألاقي كدمات في جسمي مش من الضرب بس، من الحزن… الحزن اللي بيتخزن في العروق، واللي بيكسر الضلوع من غير ما يبان. دلوقتي؟ كبرت آه… بس أنا ماعيشتش أصلاً. أنا دلوقتي في تالتة ثانوي أزهري، بس حرفيًا مش قادر أكمّل… السنة دي كلها ضاعت، ما ذاكرتش، وقررت أأجل، لأن عقلي مش ثابت، ونفسيتي مدمرة، وجسمي تعبان من جوه قبل بره. أبويا؟ نرجسي، سادي، بخيل، مسافر ومش عارف إني مأجّل، وأول ما يعرف؟ هيطردني، بمنتهى البساطة… كأنني غريب، مش ابنه. وأنا دلوقتي عايش عند جدي، بس باقي العيلة هناك مش أقل نرجسية، بيحاولوا يطردوني برضو، وبيتعاملوا معايا كأني عالة، كأني مشكلة لازم تتشال من على صدرهم. يعني لو الأمور فضلت كده، أنا مهدد إني أترمي في الشارع. ولو فضلت ساكت ومأجّلت السنة دي، ومادخلتش طب السنة الجاية، يبقى يا إما أتهان وأتذل طول عمري، يا إما أتطرد تمامًا ومابقاش ليا بيت. أنا وحيد تماما معنديش اي حد ولا فيه حد يساعدني وفي عزلة قاتلة عندي اضطراب ما بعد الصدمة المعقد (C-PTSD)، ورهاب اجتماعي مخليني مش قادر أتكلم قدام حد، ومصاب بإدمان سلوكي (هاتف، خيال، عزلة،اباحيه ، إلخ)، وعندي اكتئاب خفي، مش باين، بس بياكل فيا كل يوم… أنا ماشي بعقل بيصرخ وجسم بيعاني وروح مش لاقية حتة ترتاح فيها. بس برغم كل ده، أنا عندي نية، والله… عندي نية أذاكر، أشتغل، أعدي، أنجح، أطلع من ده كله. بس السؤال: إزاي؟ إزاي وأنا تحت كل الضغط ده؟ إزاي وأنا مش حاسس بالأمان ولا لحظة؟ إزاي وأنا مهدد بالطرد في أي وقت؟ إزاي وأنا حاسس إن حياتي كلها على المحك؟! أنا مش طالب تعاطف… ولا طالب شفقة… أنا بكتب علشان أخرج الصرخة اللي جوه قلبي… اللي محدش سمعها من يوم ما اتولدت، أنا بكتب علشان أفكر نفسي إني لسه عايش… حتى لو مش حاسس بكده
4
3