
Blueberry_66729 🇪🇬
منذ يومين
.
شعور متعب
أنا بدأت أتكسّر من وأنا صغير… طفولتي ماكنتش بريئة زي باقي الناس. كنت دايمًا حاسس إني لازم أبقى عاقل، لازم أستحمل، لازم أعدي. محدش قالّي: “براحتك”، أو “عيط لو عايز”، أو حتى “أنا جنبك”. كل ما أحس بخوف، أو ضيق، أو حتى فرح… كنت بكتم. اتعودت على الكتمان، لدرجة إني نسيت أنا حاسس بإيه. اللي حواليا كانوا ساعات قاسيين، مش قسوة الضرب بس… لأ، قسوة التجاهل، المقارنة، التقليل، عدم الاحتواء. كبرت وأنا متراقب، مفيش مساحة أكون فيها “أنا”. كنت بحاول أرضي الكل، أبقى المثالي، أبقى الشاطر، أبقى اللي ما يغلطش… بس مفيش حد بصلي بعين حقيقية وقالّي: “أنا فخور بيك”. فيه حاجات محددة محفورة فيا: كلمة اتقالتلي وأنا صغير ولسعتني سنين، نظرة فيها احتقار، لحظة حسيت فيها إني لوحدي ومش هينجدني حد. ده ساب علامات… علامات مش على جسمي، لكن محفورة جوا عقلي ونظرتي لنفسي. وجيت على صدمة المرض… كنت فاكر إن أسوأ حاجة حصلتلي في الطفولة… لحد ما جه المرض فجأة، مرض مش بسيط، فضل معايا فترة طويلة، بدون إنذار، وبدون حد يطبطب بجد. سنتين كاملين من التعب، الخوف، عدم الفهم، أوقات كنت بفكر… هو أنا هموت؟ أوقات كنت بحاول أتمسك بأي حاجة… بس حتى اللي حواليّا كانوا تايهين زيي. مكنش في حد حقيقي “مسنود عليه”. أنا اللي كنت دايمًا بعمل إن الدنيا تحت السيطرة لدرجة ان الناس كانوا بيتعاملوا معايا اني قوي وعارف اتعامل مع كل ده… بس الحقيقة؟ كنت منهار من جوا. في لحظة كنت محتاج حد يشوفني وأنا بنهار، حد ياخدني في حضنه ويقولّي: “أنا شايفك، مش لازم تتماسك، مش لازم تمثّل”. بس للأسف، ماكنش فيه حد بعد المرض ده… أنا اتغيرت. مش نفس الشخص. فيه حاجة اتكسرت جوايا ومصلحتش. حتى لما اتقال إن المرض راح… الوجع ما راحش. الحالة النفسية اللي سبها وراه كانت أصعب بكتير من أي أعراض عضوية. من ساعتها وأنا حاسس إني بقيت أضعف من أي وقت، وأقسى على نفسي من أي حد، ومش قادر أرجع أعيش ببراءة، ولا حتى أثق فحد، ولا حتى أحس إني أستاهل أعيش مرتاح. بعد الصدمة دي… أنا مابقتش أنا. فيه حاجة انطفأت جوايا ومارجعتش تنوّر تاني. الناس حواليا بيقولوا “أهو خف وبقى تمام”، بس محدش شاف العتمة اللي جوا دماغي. محدش سألني: “إنت لسه عايش جواك؟” بقيت بخاف من الارتباط، مش بس العاطفي… حتى العلاقات العادية بقيت مرهقة. بقيت دايمًا حاسس إن أي حد هيقربلي، يا إما هيسيبني، يا إما هيشوفني عبء، يا إما هيكسّر فيا أكتر من اللي اتكسر. وبدأت أتساءل… هو أنا بعيد؟ ولا أنا اتأذيت أوي لدرجة إني ماعدتش عارف أرجع؟ أنا فقدت حتى القدرة إني أصدق إن في راحة جاية. بقيت بصحى الصبح بسأل نفسي: “هو أنا عايز إيه من اليوم ده؟” والإجابة غالبًا: “ولا حاجة”. كل حاجة بقيت تقيلة… الخروج، الشغل، حتى الكلام. كلمة “عامل إيه؟” بتتردلي كل يوم، وكل يوم بجاوب: “الحمد لله”، بس الحقيقة؟ أنا مش تمام… ومش عارف أرجع تمام. مابقاش عندي حلم واضح… كنت زمان بشوف المستقبل وأخططله، دلوقتي؟ أنا بس عايز أعدّي اليوم ده… وأشوف بكره هيعدي ولا لأ. وفي النص ده كله… كنت بجاهد أبان قوي، بضحك، بهزر، بنصح الناس، بشيل همهم… بس ماكنش فيه حد بيشيلني. أنا دلوقتي وصلت لمرحلة… مش عايز أبقى مثالي، ولا عايز أبقى اللي بيعتمدوا عليه، أنا بس عايز أتبصلي كإنسان بيتوجع… ومش عيب. انا هنا مش عشان حل سريع، ولا عشان حبة أو وصفة. أنا هنا عشان حد يفهمني، حد يسمعني من غير ما يصلّحني، حد يصدقني لما أقول: “أنا تعبت من كتر ما قلت أنا كويس… وأنا مش كويس”.
2
0