في مَتاهةِ اللّا وضوح هُنَاكَ غِشاوةٌ كثيفةٌ تلفُّ كُلَّ ما أرى. وأشباحُ التَّساؤلاتِ تتراقَصُ أمامَ عينيَّ بحَفْلة عَقْليِ الصَاخبه،الأَمرُ صَعبًا، رُوحي لا تَجدُ مَرسى. ولَكَمْ يُثقِلُني هذا العَجزُ، وهَذا الجَهلُ المُطبِقُ يُخيّمُ على مَشاعِري. أيُّ وقتٍ هُوَ الأَنسبُ للخَطوِ، وأيُّ سَبيلٍ يَقودُني إلى شاطِئِ اليَقينِ؟ لِمَ كُلُّ هذا التَّعقيدِ يُحيطُ بِي؟ نبضُ القلبِ وشَوقُ رُّوحي عَلّهُ بَعض الأخْشَاب الصغٍيره تَطْفواْ ببطئ فوق أمْوَاجِك الثَائره وقَلبيَ البَطيءَ، يَا مَن سَكَنتَ فِيهِ، يَهرَعُ خُطاهُ نَحوَكَ كَأنَّهُ يَستَشِفُّ مَلاذَهُ الأَخيرَ. كُلَّما قَدّمتَ خَطوةً، اِقتربتُ أنا مِئَةَ خَطوةٍ. فَلِمَ هَذا التَّردُّدُ يَتملّكُني؟ هَلْ هُوَ خَوفُ الأَمواجِ الهائجةِ مِنَ الرُّسوِّ، أَمْ وَهْمُ السَّرابِ الذي يُخفي واقِعَ الرِّيِّ؟ أَرمُقُكَ لَحظةً، فَتَنسابُ مِنّي هَمَساتُ الرّوحِ المَكبوتةِ: هَلْ تَشعُرُ بِما أَشعُرُ؟ هَلْ تَرى في عَينيَّ شَوقًا يَتجاوزُ الكَلِماتِ، وَخَوفًا يَتوارى خَلفَ الصَّمتِ؟ بالطَّبعِ لا أَعرفُ، فما بيني وَبينَكَ ضَبابٌ كثيفٌ، لا يَدَعُ شَيئًا يَتجلّى. أَشعرُ بِرَغبةٍ مُلِحّةٍ في الوُصولِ إليكَ، كَظمآنَ يَتوقُ إلى نَبعٍ، أو كَروحٍ تَبحثُ عن نِصفِها الضّائعِ. وَلَكِن، هَلْ سَيكونُ الوُصولُ مَقدورًا عَلَيَّ في النّهايةِ؟ هَلْ سَتَنقَشِعُ تِلكَ الغَشاوةُ لأَرى طَريقًا واضِحًا؟ لا أَدري، فَما زالَ الأَمرُ صَعبًا، وَما زالَ الضَّبابُ يَخنقُ أنفاسَ اليَقينِ.

4

0