رأيتُها صدفةً بعد غيابٍ طويل، كانت تسير بجواره كما كانت تسير بجانبي يومًا، بنفس الخطوات الهادئة، بنفس الابتسامة التي كنت أظنها لي وحدي. لكنّها كانت له الآن — ابتسامة دافئة، حقيقية، كاملة. وحين رأيتها تسير مع من أحبّته، شعرتُ أن الأرض تميد بي. لم أبكِ، لم أغضب، فقط ابتسمتُ ابتسامة من فهم الدرس متأخرًا. لقد أحببتُها كما لو أن الحبّ وحده يكفي، لكنها كانت تبحث عن شيءٍ آخر لا أحمله لم ترني في البداية. وأنا لم أُرد أن أُفسد عليها تلك اللحظة. وقفتُ في زاوية الشارع، أراقبهما من بعيد، كأنني أرى مشهدًا أعرف نهايته منذ زمنٍ بعيد. كان يتحدث، وهي تنظر إليه بانتباهٍ عميقٍ لم أعرفه منها من قبل. كم تمنّيتُ أن تنظر إليّ بتلك الطريقة ولو مرة. في تلك اللحظة، أدركتُ أني لم أكن أعيش حبًّا متبادلاً، بل كنتُ أحيا داخل وهمٍ صنعته من نظرةٍ عابرةٍ وابتسامةٍ بريئةٍ فسّرتها كما أشاء. شعرتُ أن الأرض ضاقت من تحتي. لا لأنّها اختارت غيري، بل لأنني أخيرًا صدّقتُ أنني لم أكن يومًا جزءًا من قصّتها، فقط هامشًا ناعمًا في كتابٍ يخصّ رجلًا آخر. لم أهرب، لم أختبئ، فقط نظرتُ إليها مرةً أخيرة، ثم إلى السماء الرمادية التي كانت تشبه قلبي وقتها. ومضيتُ بخطواتٍ بطيئة، أشعر أني أترك خلفي شيئًا أكبر من الحبّ — أترك نفسي القديمة التي صدّقت أن الحلم يمكن أن يصير حقيقة

4

1