صِرْت أرتدي كما جَدي .. الجوربان الطويلان لقدماي الباردتان .. والملابس الفضفاضة المتراكمة في ليالي الشتاء الصقيع وغير الصقيع .. إلا أن البرد لم يكن من الشتاء أو من الشباك أعلى سريري .. كان بداخلي .. القمر الخامس عشر يعتلي كبد السماء ببطء .. جميل وهادئ .. أستلقي أراقبه على الأريكه أعلى سطح منزلي -أيضاً كما جدي- .. في يدي اليمنى كوب من الشاي وفي اليسرى لفافة تبغ .. ويملئ المكان صوت كاظم من الهاتف .. "أضعت في عَرض الصحراء قافلتي" الملابس الفضفاضة لا تُجدي نفعاً .. يتراكم بدلاً منها فوق أطرافي وفوق جسدي بأكمله "الصقيع".. لم أنعم بالهدوء كما نَعِمت به انت -أُشير إلى السماء أعني جدي- .. ولم تكن الأقمار الثلاثة الكاملة تُشعرني قط بالدفئ كما كنت تخبرني دوماً .. لا أدري هل لأني أواصل الهروب من نفسي والعالم والدنيا .. أم لأنك لست عني بقريب .. القمر الخامس عشر يغادر الليل البارد .. وأنوار الشمس الصغيرة تُبلل أطراف قميصي .. ولا أشعر بالدفئ.

6

0