طول عمري كنت فاكر إن فقدان الناس معناه إني خسران… كنت بربط وجودهم في حياتي بالأمان والراحة، ولما كانوا بيبعدوا، كنت بحس إن الدنيا بتقفل في وشي، وكأن ربنا بيحرمني من حاجة كنت محتاجها. مع مرور الوقت والمواقف، اكتشفت إن القصة مش كده خالص… ربنا كان بيعمل لي فلترة، بيبعد عني ناس أنا شايفهم أمان، لكنهم في الحقيقة كانوا قنابل موقوتة، وجودهم على المدى البعيد كان هيكسرني أو يضرني. أوقات كنت أرتاح لحد لأن تصرفاته أو كلامه فكرني بحد قريب مني بحبه، أو لأن فيهم حنية ظاهريًا… لكن الحنية دي طلعت مجرد قناع، واللي وراها كان فراغ أو نية مش صافية. حتى في الشغل، كنت ألاقي نفس النمط بيتكرر… نفس الشخصيات، نفس الأسلوب، نفس الطريقة اللي تخليك في الأول تحس إنهم معاك، وبعدين تكتشف إنهم ضدك. لكن الغريب، إن في الآخر كلهم مشيوا من حياتي، وكأن ربنا بيقول لي: "خد بالك، أنا بحميك". المواقف دي علمتني درس غالي: مش كل اللي بيشبه الأحباب يبقى أمان، ومش كل اللي بيبان حنين يبقى قلبه نضيف. أحيانًا التشابه بيخدعك، وأحيانًا الطيبة المبالغ فيها بتبقى ستارة بتخفي وراها مصلحة أو نية مش خير. دلوقتي لما حد يخرج من حياتي، حتى لو كنت متعلّق بيه، ببص لفوق وأقول: "الحمد لله… أنت شايف وأنا مش شايف، وأنت بتكتب لي الخير حتى لو أنا مش فاهمه دلوقتي". بقيت مؤمن إن ربنا مش بس بيحميني، لكن بيختار لي الناس اللي وجودهم هيكون نعمة، وبيشيل من طريقي أي شخص وجوده ابتلاء أو ضرر. وده بالنسبة لي مش خسارة… ده مكسب عمر ما كنت هعرف قيمته إلا بعد ما عديت من التجربة.

6

1