toheal logo

Coffee_63907 🇪🇬's فكرة

"صراع داخلي: طفل يحلم وحامي يخنق أحلامه"

Coffee_63907 🇪🇬

منذ يوم واحد

Chapter 2 المكان: غرفة مظلمة داخل العقل، حيث تتداخل الأصوات والصور. "الفوضوي" يقف في منتصف الغرفة، يضحك ضحكة مجنونة. الفوضوي: (ضاحكًا) ها! شوفوا مين جاي يقود الموقف! أنا هنا علشان أوريكم الفوضى الحقيقية! كل الأحداث اللي حصلت؟ كلها كانت مجرد مزحة كبيرة! (يضحك بقوة) تظهر صور متداخلة لأحداث الشخصيات السابقة، بينما هو يتابع. في الغرفة الرمادية يدخل… لا، يقتحم، أو كأن الغرفة سقطت فيه، لا فارق. عيناه تتجولان... في الركن الأيسر صورة ممزقة لضحكةٍ لم يَعُد يعرف وجهها. في الوسط كرسي مائل، كأنه جلس عليه حزنٌ ثقيلٌ ثم نسي كيف يقوم. وعلى الجدار، شخبطةُ طفلٍ، لا يجرؤ أحد على مسحها. الفوضوي (يهمس بضحكة تمتد ، نصفها غضب، نصفها خيبة، والنصف الثالث لا يملكه أحد) "كان يجب أن أُولد منذ البداية، أليس كذلك؟" يخفت الضوء. تخرج من الظلام همسات الصوت الهادئ... ليست ملامح، بل ظل ينسج بالكلمات شكله. الصوت الهادئ "كان يحلم، هذا الطفل… أن يكون العالم أبًا آخر. أن يُستبدل هذا الغياب بقصة. فاخترعني… لا أذكر متى، لكنه فعل. قال: سيكون هناك صوت يدلني حين تشتد الظلال. فكنتُ. لكنّي لم أكن كافيًا." الفوضوي (ساخرًا وهو يُلقي نظرة على المرآة المحطمة) "كُنتَ صوتًا؟ كنتَ انتظارًا باردًا يتكرر في لياليه. كلما بكى، قلتَ: سيهدأ. كلما صرخ، قلتَ: سيفهمون لاحقًا. لكن لا أحد فهم، أليس كذلك؟" الصوت الهادئ "مات صديقه وهو في السادسة. ذاك الذي كان يحضنه دون سبب. وفي الجنازة، جاء أحدهم، انحنى إليه وقال: 'لن تراه ثانيةً' كأنها عقوبة." الفوضوي (ضاحكًا بمرارة، يدور في الغرفة كأنها مسرح غيظه) "أخبروه عن الموت بلغة الكبار. ونسوا أن الطفل لا يقرأ سوى بعينيه. فقرأ الرحيل في الغبار، في الصمت، في العيون التي لا تعود. وصار يسأل كل من بقي: متى سترحل أنت؟" الصوت الهادئ "أخوه الأكبر كان القاضي والسوط. صرخاته كانت أحكامًا نهائية. لا مساحة للدموع، ولا موضع للخطأ." الفوضوي "والأم؟ كانت مشغولة... بزوجها؟ بعائلتها؟ بما لا يشمل ذاك الصغير. فصار صغيرًا أكثر. حتى اختبأ في ركن اسمه: لا تلاحظوني." (يتوقف الفوضوي فجأة عند درج خشبي مغلق) الصوت الهادئ "كان هناك… المسدس. قطعة من رعب مغلق. في كل ليلة، كان يمر الطفل بجانبه… لا لينظر، بل ليحسب: كم رصاصة تكفي لينام الجميع؟ ثم يمضي." الفوضوي "لكنه لم يفعل. لم يطلق الرصاصة. ليس حبًا في الحياة… بل خوفًا على الباقين." (يصمت للحظة، ثم يبتسم من جديد… تلك الابتسامة التي لا تعرف جهة، ولا نية، لكنها تبقى.) الصوت الهادئ "كلما حاولت إرشاده، ارتد صوتي عليه كصدى مجوّف. كنتُ صوته، لكني لم أكن أباه." (لحظة صمت ثقيل… الفوضوي يتوقف، يحدّق في شيء لا يُرى) الفوضوي "ولم تكن أنت حتى كافيًا لتخدعني. كنتَ كذبة، جميلة… لكن كذبة." (يبدأ الضوء بالخفت، وتظهر لمحة من انعكاس وجه الطفل في المرآة، لكن ملامحه مشوشة) يتقدم الفوضوي ببطء… كأنه يسير فوق ندمٍ مجمد. ينحني عند الدرج الخشبي… يفتحه. الصوت الهادئ "لم يكن مجرد قطعة حديد. كان إرثًا. كان الشيء الوحيد الذي تركه الأب مفتوحًا." الفوضوي (يُخرج المسدس بهدوء، يلمسه بإبهامه كما لو كان يتحسس ندبة) "كان أبي يضعه هنا، في الدرج الأخير، تحت كتبٍ لا تُقرأ. قال لي مرة: هذا لحمايتنا. لكني لم أره يحمي شيئًا… لا نفسه، ولا البيت، ولا أنا." الصوت الهادئ "كان يمر بجانبه كل مساء… كأن هناك اتفاقًا سريًا بينهما. هو ينظر… والمسدس يصمت. لكنه ظل يسأل نفسه… هل يُمكن لطلقة واحدة أن تُسكت كل الأصوات؟" (ينظر الفوضوي إلى طرف الغرفة… حيث ظهرت لمحة عابرة من انعكاس الطفل في المرآة المحطمة) الصوت الهادئ "كان جميلًا… لا بالملامح فقط، بل بالنية. لم يكن ينتظر المقابل. كان يضحك لأجل الضحك، ويصنع البهجة كما تُزرع شجرة في صحراء. كان كل ما يفعله لأجل الآخرين، لعلهم… يعيدون له جزءًا منه." الفوضوي (يتمشى في الغرفة ببطء، صوته ساخر لكن نبرته تهتز) "كان يتقن رسم البسمة على وجوههم، أما هو… فكان يبتلع الحزن . كان يضحكهم ليشعر أنه موجود. كأنه يقول: 'أنظروا، ها أنا أُفرحكم، أليس هذا دليلًا على أني أستحق مكانًا هنا؟' لكنه لم يكن يُجاب." الصوت الهادئ "كان يطارد لحظات الفرح كما تطارد الفراشة ضوء المصباح. رغم أنه يعرف أنها قد تحترق." الفوضوي (يتوقف، يضع المسدس على الطاولة، كأنه يودّع شيئًا) "وما الذي حدث؟ كُلّ من ضحك معهم، نساه. كل من ضحك لأجله، رحل." (ثم ينحني على الكرسي المائل في منتصف الغرفة، يجلس عليه، يترك رأسه يتدلّى إلى الوراء وكأنه يستسلم للثقل) الصوت الهادئ "وكنتُ أحاول… أن أقول له إن الضوء ليس دائمًا نهاية النفق. لكني كنتُ مجرد صوت… وهو… كان بحاجة لأب." (يتردد صدى كلمة "أب" في الغرفة كأنها صفعة، كأنها حزن متجمد بدأ يذوب) الفوضوي (ينظر إلى أعلى، يغمض عينيه، يبتسم تلك الابتسامة الطويلة، المختلطة بكل شيء) "كان بحاجة لك… لكني جئت متأخرًا. أنا لست الأب، ولا الأخ، ولا الصديق. أنا الجسد حين يقرر أن يخلق له سيدًا جديدًا." الصوت الهادئ "كل ما كان يُؤمن به… كان ينهار. طفل صغير، يرتدي نظارة أكبر من سنّه. يرى موت أقرب من فهمه، في جنازة مزدحمة بالوجوه الباكية، لم يجد وجهًا يشرح له ماذا يعني أن لا يعود أحدهم أبدًا." لقطة: فلاش باك طفل صغير، يرفع رأسه وسط الزحام، يمسك يد أحدهم، يقول بصوت مهزوز: "هو فين؟ أنا عايز أتكلم معاه بس شويّة." فيرد صوت قاسي، لا يرى فيه الطفولة: "مش هتشوفه تاني. مات." الصوت الهادئ "ولم يفهم الموت… لكنه عرف الفقد. كان يحبه أكثر من أبويه، أكثر من البيت، أكثر من أي شيء. كان الملجأ، فانكسر المأوى." الفوضوي (يضحك ضحكة مكسورة، يصفق مرة واحدة ببطء) "هايل. بداية ممتازة لبناء خراب كامل." الصوت الهادئ "ثم جاء الأخ الأكبر… ذلك الذي ظنّ أن القسوة هي تربية. أن اللكمات تُصلح القلب، وأن الطفل يجب أن يكون رجلاً… الآن." لقطة: فلاش باك الطفل يغسل الأطباق. تسقط واحدة منه، ينكسر الزجاج، يأتي صوت الأخ صارخًا: "ما تستاهلش تبقى بني آدم… مش نافع فـ حاجة." الصوت الهادئ "وكان يحاول… يحاول أن يكون جيدًا، أن يكون كافيًا، لكن لم يكن أحد يراه." الفوضوي (يسير حول الطاولة، يلمس أشياء لم تعد تهم) "حتى أمه… كانت تنظر إليه وكأنه مهمة متأخرة. صوتها دائمًا أعلى من احتياجاته. ضحكتها تذهب لأبيه، ودمعه يذهب للوسادة." الصوت الهادئ "وكان يظن أن الله… هو المتبقي. فكان يُصلّي. يركع بدقة، يبكي دون صوت، يكتب دعوات صغيرة في الهواء، يخاف أن تُمحى." لقطة: فلاش باك الطفل في سريره، تحت الغطاء، يتمتم بهمس: "يا رب… لو بتحبني، خليه يحضني بكرة." وفي اليوم التالي… لم يحدث شيء. الصوت الهادئ "كان يحب الله. لأنه سمع أن الله يحب الأطفال، فقال: 'أنا هنا… هل تسمعني؟' لكن لم يأتِ الرد." الفوضوي (يهمس كأنها نكتة) "حتى الله… تأخر. أو تجاهل." الصوت الهادئ "بدأ يسأل… إن كنت أفعل الخير، وأصلي، وأحب… فلماذا لا يراني أحد؟ هل الخير ضعف؟ هل الحب عبث؟" الفوضوي "وكانت تلك اللحظة… اللحظة التي قرر فيها أن يصنع شيئًا… لحمايته. لأن لا أحد في العالم كان يفعل." الصوت الهادئ "فخلق الحامي. صوتًا داخليًا، جادًا، قاسيًا أحيانًا. كان طفلاً يصنع أبًا من خياله. يرتدي نظارات الحكماء، ويتحدث كأنه لا يُخطئ. لكنه لم يكن سوى طفل صغير… يلعب دور الكبير، لأن الكبار خانوا أدوارهم." الفوضوي (ينفجر ضاحكًا، ثم يبتسم ابتسامة طويلة تصل من الأذن للأذن) "هل رأيتم العبث؟ الطفل الذي يصلي ولا يُجاب، يُربي نفسه، يصنع لنفسه أبًا وهميًا، ثم يُكافأ… بالصمت." (يقترب من المرآة المحطمة، يحدق في انعكاس وجهه) الفوضوي "وهكذا وُلدت أنا… من جرحٍ لم يلتئم، من صلوات لم يُردّ عليها، من عائلة كانت حائطًا بلا باب، ومن إله… بقي صامتًا طويلاً الصوت الهادئ (ينخفض صوته كأنه يسرد اعترافًا لا يريد أن يسمعه أحد) "كان لديه خياران… أن ينهار، أو… أن يتحوّل. فجأة، تكدّست كل الأصوات داخله، صوت الأخ… صوت الأم… صوت الصلوات التي لم يجبها أحد… صوت الخوف من أن يُصبح مجرمًا… صوت الله وهو لا يرد… وصوتي أنا… الوحيد الذي كان معه… لكني كنت صامتًا." (الطفل جالس في الظلام، عيونه مفتوحة على اتساعها، يتنفس بسرعة. يقترب من درج المكتب، يفتح، يلمح المسدس، يمد يده... ثم يتوقف. يبكي… لكنه لا يلمس السلاح. يرجع يده… يضغط على صدره بيده الصغيرة، كأن داخله شيء ينفجر) الصوت الهادئ "كان المسدس هناك… كان يعرف أنه يملك وسيلة لإنهاء كل شيء… لكن شيئًا واحدًا منعه… هو لم يكن خائفًا من الموت… كان خائفًا أن يترك العالم بلا تفسير… أن تُنسى ألمه كما نُسي وجوده." الفوضوي (يصفق ضحكة مكسورة، صوته يعلو وهو يدور في المكان) "لم يُطلق الرصاصة… لكنه أطلق شيئًا آخر." (في قلب الطفل، ينفجر ضوء… من النور يولد شخص جديد. لا يحمل ملامح الطفولة. عيناه غارقتان في الصرامة. يده تمسك كتف الطفل… يقول بصوت عميق:) "لن يلمسك أحد بعد الآن." الصوت الهادئ "وهكذا… وُلد الحامي. طفل صنع درعًا من خياله… لم يكن حديدًا… بل جلدًا سميكًا من الألم." الفوضوي (يقف فجأة، يحدق في الفراغ) "تخيلوا… طفل يبني حاميًا لأنه لم يجد حماية. طفل يصنع أبًا لأنه لم يُمنح واحدًا. طفل… يُصبح العالم كله، لأنه لم يجد العالم." الصوت الهادئ (بهمس مليء بالمرارة) "لم أقصد أن أكون بديلًا… لم أقصد أن أكون وحدي… لكن… كيف يكون المرء أبًا… وهو لا يعرف كيف؟ كيف أشرح له الحب… وأنا لم أمارسه؟" الفوضوي (يقف أمامه، ينظر إليه مباشرة لأول مرة) "وهل كنت أنت… أبي؟" الصوت الهادئ (يصمت. يلمع شيء في عينيه. لا يرد.) الفوضوي (يبتسم… لا سخرية هذه المرة. بل معرفة) "أنت خُلقِت بصوتي… لكنّك كنت تحاول أن تكونه… ولما فشلت… أنا وُلدت." (صمت طويل… ثم تنهيدة.) الصوت الهادئ "أنا آسف… لكنني مجرد صدى. صدى لصوت كان يجب أن يُسمع… لكنه اختفى." الصوت الهادئ (صوته كأنّه يسرد حلمًا خافتًا) "حين انفجر داخله كل شيء… لم يخرج صراخ، بل خرج صمت… صمت سميك، كأنّ الكون نفسه توقّف ليصغي." لقطة – داخل وعي الطفل، عالم رمزي (العالم يتحطم حوله، الجدران تتكسر، الأصوات تنهار كأبراج من ورق… وفي المنتصف، يقف الطفل. وحده. صغير. نحيف. ملامحه متورمة من البكاء، لكنه لا يصدر صوتًا.) الصوت الهادئ "لم يكن هناك أحد… فقرر أن يخلق أحدًا." (الطفل يمدّ يده للهواء، يرسم بيده ملامح رجل، لكن اليد ترتعش… الرجل لا يكتمل. العينان واسعتان كعيني دمية، الكتفان عريضان لكن يهتزان كأرجوحة، الصوت عميق… لكنه يرتجف بكلمات بسيطة: 'أنا هنا… هاحميك.' ) الفوضوي (بصوت خافت ساخر) "ولد طفلٌ… فأنتج حاميًا بعينين لا تفهم الألم وصدر لا يعرف معنى الاحتواء وسيفٍ من خشب مطلي بالغضب." الصوت الهادئ "كان يبتكر كل تفصيلة فيه من خياله الطفولي: الحامي لا ينام… الحامي لا يبكي… الحامي يصرخ بدلًا عنه… يضرب الجدار عندما يشعر بالضعف… يصرخ في المرآة: 'محدش هيكسرنا تاني.' لكنه لا يفهم الحب، لأنه لم يُبنى على حب، بل على رعب." (الحامي الصغير يمشي بجانب الطفل في المدرسة. حين يسخر أحدهم من الطفل، يركض الحامي خياليًا، يدفع الولد الآخر، يصيح: 'ابعد عنه يا وسخ!' ثم يضحك ضحكة طفولية مشوشة، وكأنّه ينتصر.) الصوت الهادئ "كان دفاعه بسيطًا… كل شيء عنده إما عدو… أو خطر. حتى الحب… كان يشك فيه. يسأل الطفل دائمًا: 'هو بيحبك بجد؟ ولا هيكسر قلبك؟'" الفوضوي (ينظر إلى نقطة ما على الأرض) "وكان الطفل يصدّقه… لأنه هو اللي خلقه. لأنه هو الوحيد اللي جه لما كل الدنيا اختفت." الصوت الهادئ "لكن الحامي لم يكن شخصًا… كان وظيفة. كأنه رجل أمن داخلي… لكن عيناه تلمع كطفل حالم. ينام وهو جالس، ويستيقظ على أول دمعة." (الطفل في غرفته، يبكي، الحامي يقف عند الباب، ظهره للطفل، لا يلتفت. لكن يده ترتعش، وكأنه يريد أن يعانقه… ولا يعرف كيف.) الصوت الهادئ "هو لا يجيد العناق. لا يعرف التربيت. هو يعرف الحائط… والسيف… والصمت." الفوضوي (همسًا، بابتسامة حزينة) "هو نسخة من أب لم يأتِ قط." الصوت الهادئ (راوي) "عندما وُلد الحامي… لم يكن يعرف من أين جاء. لكنه وجد نفسه واقفًا بين الطفل وكل ما كان يؤذيه." ممر المدرسة، الطفل يجلس وحده على الأرض، شنطته مفتوحة، كتبه مبعثرة، وأقدام تبتعد. الطفل يمسح دموعه بكم القميص، يهمس: الطفل "أنا مش قوي كفاية…" الحامي (يظهر فجأة بجواره، أطول، أكتافه عريضة، ملامحه حادة لكن عيونه حنونة) "تحب نعمل إيه؟" (ينحني نحوه، نبرة صوته منخفضة وقاطعة) "أنا هتصرف. متقلقش. سبها عليا." الصوت الهادئ "لم يكن أبًا… ولا أخًا… كان استجابةً خالصة للضعف." مائدة العشاء. الطفل يمد يده ليحكي شيئًا صغيرًا، لكن صوت الأم يقاطعه، تضحك على طرف آخر من الطاولة. الأب ينهض، لا يلاحظ أن الطفل ما زال يتكلم. الطفل (يهمس) "أنا هنا…" الحامي (يظهر من الظلال، ينحني بجانبه، يضع يده على كتفه) "شايفك. وده كفاية. كل اللي بتحس بيه… أنا فيه." الصوت الهادئ "كل مرة انكسر فيها الطفل، كان الحامي يمد ذراعه ليحمل الشظايا." ليل – الغرفة. الطفل في السرير، يحضن المخدة، جسده يهتز من البكاء. باب الغرفة يُفتح، لا أحد يدخل. لكن الحامي يظهر ويجلس على طرف السرير. الحامي "مش هقولك تبطل تبكي… بس وانا معاك، مفيش حاجة تقدر تكسرك لوحدك." الطفل (يتمتم من تحت الغطاء) "أنا تعبت…" الحامي "أنا لسه واقف." الصوت الهادئ "كبر الجسد… وارتفع صوت الحامي. أصبح يمشي قبله، يتكلم باسمه، يصد الغضب، يخفي الدموع. لكن الطفل… بقي كما هو." الفوضوي (يبتسم نصف ابتسامة) "أحلى قصة حب عرفتها النفس البشرية… ولد يحمي خياله. وخيال يتحول لدرع… وسجن.". الصوت الهادئ (راوي) "في البداية… كان الحامي يُنصت. ينزل إلى مستوى الطفل، يسمع، يشرح، يناقش." الطفل يجلس في فناء المدرسة، يراقب فتاة تضحك مع أصدقاء. ينظر إليها في خجل. الطفل (بهمس) "تحب أقولها إني بحبها؟" الحامي (بصوت منخفض، حنون لكن حازم) "يعني إيه تحب؟ اللي زيّك مش بيتحب بسهولة… خليك معايا. أنا هحبك كفاية." الصوت الهادئ "ومع كل مرة يُصدّ فيها حلم صغير… يتراجع الطفل خطوة. ويُحكم الحامي قبضته أكثر." في مناسبة عائلية. الطفل يُريد الرقص مع باقي الأطفال. يقف، يخطو خطوة للأمام. الحامي (يظهر فجأة، يضع يده على كتف الطفل، يشده للخلف) "مش وقت لعب. كل العيون علينا. خليك عاقل… خليك آمن." الصوت الهادئ "ومع الوقت… لم يعد الطفل يسأل: ‘تحب نعمل إيه؟’ بل أصبح يهمس فقط: ‘ينفع أ…؟’ ثم يسكت." الطفل يجلس في زاوية بعيدة، يعلّق رسوماته على الجدران: بيت، بحر، طائرة، يد تمسك يدًا. ينظر لها طويلًا، ثم يقول: الطفل (بصوت خافت) "ممكن بس… تحاول ترسملي دي؟" الحامي (من الظلال، صوته أصبح أعمق، لم يعد ينزل لمستواه) "دي مش ليك. دي خطر. أنا مش هرسمها… بس هخليك تنسى إنك كنت عايزها." الصوت الهادئ "كبر الجسد. وكبرت الأحلام الطفولية داخله… لكنها بقيت معلّقة، في يد طفل لا يستطيع الإمساك بها." الفوضوي (واقف، يضحك ضحكة مائلة للشفقة) "مسكين… ده حتى الحامي اللي خلقه بقى سجّانه. أصبح الحُب مجرد لوحات معلّقة، وكل مرة الطفل يحاول يوصّل، الحامي يطفّي النور." ، الجدران مغطاة برسومات باهتة، بعضها ممزّق، بعضها ناقص. الطفل في الزاوية، يرتدي قميصًا واسعًا عليه بقعة حبر. يحدّق في صورة مرسومة لنفسه وهو يطير، دون جناحين. الصوت الهادئ (راوي) "في البداية… كانت الأحلام تُرسم. ثم بدأت تُختصر. ثم أصبحت تُخبّأ، وأخيرًا… تُنتزع." الطفل يتحدث للحامي، بصوت يشوبه خجل وأمل. الطفل "نفسي أروح البحر. نلعب في الرملة… نجري. ممكن؟" الحامي (واقف، يحمل حقيبة عمل سوداء، لا ينظر إليه) "عندنا شغل بكرا… مش هينفع." الطفل (يحاول الضحك، ثم يُخفض صوته) "طب نلعب سوا دلوقتي؟ شويّة بس…" الحامي (بصوت صارم، يُخرج ورقة من الحقيبة) "اللعب مش هيئكلنا… خلّي اللعب في راسك، وأنا أأمّن الواقع." الصوت الهادئ "كان يظن أن الحامي يحميه من الخارج… ثم فهم: أن الخارج لم يعد يخيفه، بل الداخل، الداخل الذي لم يعد له فيه مساحة." الطفل يحاول التسلل إلى مرآة مغطّاة بغطاء رمادي، يرفع الغطاء بحذر، يرى وجهه… لكن الوجه مشوّه، ليس هو تمامًا، فيه من الحامي، فيه من الماضي، لكنه ليس وجهًا يمكنه الوثوق فيه. الطفل (يرتجف، يتراجع خطوة) "أنا… مش شايفني." الفوضوي (يظهر بجانب المرآة، يضع يده على كتف الطفل ويهمس) "عارف ليه؟ علشان مش انت اللي بتعيش… انت بس الحلم اللي ما تحققش." الصوت الهادئ "يوماً بعد يوم… لم يعد الحامي يرد. بل يأمر. لم يعد يجلس بجانب الطفل… بل وقف مكانه، وأصبح هو الجسد." الطفل جالس في نفس الزاوية، لكن الإضاءة تخفت حوله تدريجيًا. وفي منتصف الغرفة، الحامي يرتدي بدلة كاملة، يحمل حقيبة، يفتح الباب ويخرج. الطفل يركض نحوه، يصيح دون صوت، وكأن الكلام لا يعبر. الصوت الهادئ "الطفل أصبح ظلًا… ظلًا لا يُرى، لا يُستشار، ولا يُحَب." الفوضوي (يرفع صورة مُمزقة، عليها وجه الطفل مبتسمًا) "مش كده أحسن؟ على الأقل مفيش وجع… بس في حاجة واحدة نسيوها…" يقف الفوضوي، يفتح ذراعيه كأنه يستقبل عاصفة الفوضوي (بضحكة تخرج من صدره) "لما الطفل بيُكتم… وبيتكتم… وبيُدفن… بيولدني أنا." ، الساعة توقفت، والطفل يرسم قلبًا صغيرًا على الأرض، والحامي واقف عند الباب، يسمع ضحكة ناعمة تأتي من الخارج، فيرتعش ظل الطفل. الصوت الهادئ (راوي) "ثم حدث ما لم يكن بالحساب… لم يعد الألم وحده هو ما يهدد النظام، بل الحب." الطفل يتحدث بصوت خافت للحامي، عينيه تلمعان بشيء يشبه الحياة. الطفل "أنا بحبها… مش عارف ليه، بس لما بتضحك بحس إني موجود. ممكن أكلمها؟" الحامي (ينظر إليه كأنه لم يسمعه) "لا." الطفل (بصوت أعلى) "ليه؟" الحامي (ببرود) "لأنك متعرفهاش ومش من مجرد ضحكه هتحبها ولانك مش مستعد، ولأنها هتكسرك، ولأنك هتخسر، وأنا مش هسمحلك تخسر تاني." الطفل (يقترب، يغضب، صوته يهتز) "بس أنا مش خايف… حتى لو خسرت. أنا عايز أجرب!" الحامي (يرتفع صوته لأول مرة) "إنت دايمًا عايز تحلم، وأنا دايمًا بلملم بقاياك!" الصوت الهادئ "لأول مرة… ارتفع صوتان في الداخل. لم يكن بينهما اتفاق. واشتعل الشرخ." الطفل يحاول كتابة رسالة، يسرق لحظة من القيادة. الحامي يمزقها قبل إرسالها. الطفل يصرخ، الحامي يصفعه داخليًا، كأنه يكتم أنفاسه. الجسد في الواقع يتصرف بجمود، يرفض الحنان، يرفض النظرات، يبتعد، ينسحب… لكن في الداخل، الصراع أصبح عاصفة. الطفل (يصرخ، يضرب الجدار، عينيه ممتلئة دموعًا) "أنا بحبها! مش عايز حماية… عايز أعيش!" الحامي (بعينين حمراء من السهر، يمسكه) "وانا بحميك من نفسك… لإني أنا اللي شفتك وانت بتنهار، وأنا اللي شلتك وانت نايم بتبكي بصمت… أنا اللي كنت هناك لما محدش جه!" الطفل (ينهار، ينكمش على الأرض) "بس أنا تعبت… أنا عايز حد يحبني، مش بس يحميني." الصوت الهادئ "الحب كان جنونه، والحامي… كان جدارًا لا يعرف العناق. وكلما ازداد الحنين، ازدادت الفجوة." الفوضوي (ينظر من الظل، يصفق ببطء) "أهو كده… دلوقتي اللعبة ابتدت بجد." ، جدارٌ من المرآة يَظهر، يعكس وجوهًا متداخلة: الطفل جالس القرفصاء يحدق بدموع، والحامي واقف، ويداه ترتجف رغم صلابته المعتادة. الصوت الهادئ (راوي) "لكن الحب… لم يكن عابرًا. كان اسمًا وصوتًا، كان ضحكة سمعها الحامي كل يوم، كان ظلًا يمرّ بجانبه في الممرات، ويترك الطفلَ يتبعه… حتى وهو داخل جسده." الطفل (بهمس مكسور) "دي مش أي واحدة… دي بتبصلي من غير ما أحكي، ولما تضحك، قلبي بيجري… مش بيخاف." الحامي (ينظر بعيدًا، يحاول تجاهل الصوت) "هي زمايل شغل. كلام شغل. نظرات شغل. كل دا… ما ينفعش." الطفل (ينهض، لأول مرة يواجه الحامي وجهاً لوجه) "كل حاجة عندك ما تنفعش! أنا كنت ساكت… لما منعتني من اللعب، من الحلم، من الكلام، من الرسومات… بس الحب؟ الحب حقي، مش ملكك!" الصوت الهادئ "كانت لحظة التمرد الأولى. حين قرر الطفل أن الحب أقوى من الخوف. أقوى حتى من الحماية." الحامي (يتقدم خطوة، صوته يرتعش بالغضب) "هتدخلني في حكاية هتكسرنا… إنت فاهم يعني إيه تحب زميلة؟ يعني مكشوف… ضعيف… يعني إحنا مش هنقدر نكمل." الطفل (يرتجف، لكن يصر) "بس أنا بحس إني عايش لما بشوفها. مش مهم نكمل… المهم أحس إني كنت موجود. إنت كل اللي بتعمله إنك بتحاول تنسيني إني إنسان." الحامي (يندفع ويمسك الطفل من الكتف) "وأنا كل اللي بعمله… أني بحميك من إنك تتقطع حتت تاني. أنا اللي لميت نفسك بعد أول خيانة، أنا اللي منعتك تشوف أمك وهي بتتهرب من نظراتك، أنا اللي خليتك تقوم من تحت اللحاف، وإنت ناوي تموت!" الطفل (ينفجر صارخًا) "بس أنا كنت بحب أعيش! حتى لو اتكسرت… أنا كنت عايز أحب." الصوت الهادئ "صراع لم يكن بين طفل ورجل، بل بين الحلم والنجاة… بين من أراد الحياة، ومن اعتاد النجاة منها." الزميلة تمر أمامهما، في انعكاس زجاجي، لا تلاحظ شيئًا. لكن عيون الطفل تلمع، وعيون الحامي تطفئ كل شيء. الحامي (بصوت خافت جدًا، يكاد لا يُسمع) "هي مش شايفاك، هي شايفاني." الطفل (يتراجع، كأن ضربة خفية أصابته) "آه… أنا اختفيت خلاص؟" الصوت الهادئ (بهمس أشبه بندبة) "وهكذا… بدأ الطفل يشعر أن الحامي لم يعُد يحميه، بل يحتلّ مكانه." ، ما تزال الجدران تتنفس صدًى لصراخ الطفل، وصمت الحامي المتوتر. كل شيء ساكن… إلا داخلهم. الصوت الهادئ "ومنذ لحظتها، لم يعد الزمن يمضي كما كان. كل صباح يُصبح ميدان قتال، كل نظرة منها… رصاصة وكل تجاهل… خنجر." لقطات متتابعة – يوميات العمل الحامي يجلس على مكتبه، يوقع أوراقًا. صوت داخلي صغير، يرتجف: الطفل: "هي دخلت… شايف ضي عينيها؟" الحامي لا يرفع عينه. الحامي: "إهدى… مش دورنا نتفرج." نظرة سريعة منها. الطفل (يهمس): "ابتسمت! شُفت؟ بتفكر فيا؟" الحامي: "دي ذوق… مش أكتر." الصوت الهادئ "أيام تمرّ، والحبّ ينمو في الزاوية. الطفل، كما هو، يرسم أحلامًا في الظل، والحامي… يطفئها بهدوء." ثم... اليوم المختلف. المكتب، بعد نهاية يوم طويل. هي تقترب، تقف أمام الحامي بابتسامة خفيفة. هي (ببساطة، عفوية): "المدير عازمنا كلنا النهاردة على العشا… قولت أعدّي أبلّغك بنفسي." الصوت الهادئ "صوتها لم يكن ناعمًا، بل طبيعي. لكن في أذنه… كان غناءً." الحامي (يرتبك، يحاول الثبات): "آه… حاضر، شكراً." هي تبتسم وتذهب. لكن في الداخل… زلزال. الطفل (ينفجر كأنما انتصر): "هنتقابل برا الشغل!! يعني ممكن نقعد، نضحك، نحكي… هتشوفني! بلاش تبوزها بقى، سيبني أعيش اللحظة دي." الحامي (ينظر في المرآة، عيناه مُتعبة): "مش لوحدنا. دي عزومة عمل. ما تفهمش غلط." الطفل (بعينين دامعتين، يهمس): "أنا مش بفهم… أنا بس بحس. سيبني أحس، حتى لو غلط." الصوت الهادئ "لأول مرة… الحامي لا يجد ردًا. لأول مرة… الطفل لا يطلب إذنًا." الحامي في الحمّام، ينظر لنفسه في المرآة. وجهه يتشقق لحظة… فقط لحظة… كأن وجه الطفل يُطلّ من داخله. الصوت الهادئ (بهمسٍ عميق) "وهكذا… بدأ الجدار يتصدع. حين يتسلل الحلم… من خلال ابتسامة."

تمت كتابة هذا المحتوى بواسطة Coffee_63907 🇪🇬 ويعبر عن آرائه الشخصية فقط. نحن غير مسؤولين عن أي معلومات أو أفكار أو معتقدات غير صحيحة واردة فيه.

هل كانت هذه المعلومات مفيدة؟

0

0

التجربة أفضل عبر التطبيق

حمّل تطبيق توهيل على هاتفك لتجربة أسرع