غادر أخي عندما كنت في الثانية عشره ولم يعد .. مرت تسع سنوات ولم يعد .. تيقنت حينذاك عندما كنت في الخامسة عشر أنه لن يعود .. كانت فكره مؤرقه كل ليله وكل تجمع لأفراد العائله الكثيرين ـ أني لم أمضي من الوقت ما يكفي مع أخي ـ تغير شكل منزلنا والشارع والقريه بنفسها لم تعد كالسابق .. تسع سنوات قادره حتى على تغيير أماكن النجوم .. أتذكر في ربيع ما من عامي الحادي عشر أو الثاني عشر كان يعود للمنزل في وقت متأخر .. وكنت أدعي بدوري النوم .. أذكر عاداته من ما كانت تسمعه أذني .. يغلق الشباك أعلى أريكته ويفتح القناه التي تزيع أغاني أم كلثوم باستمرار .. لم أكن أجيد التحدث إليه .. كان أخي لكننا كنا غرباء .. غادر بأعداد الشهور والأيام .. الآن أتاكد من إغلاق الشباك خمس مرات .. أستمع لأم كلثوم بكثره .. وكما كان يفعل استهلك كميه هائله من التبغ في يوم واحد .. أحاول إعادته .. أو أحاول إعادة إحياءه بداخلي حتى لا ينفطر قلب أمي.

6

0