.png)
Mango_76865 🇪🇬
منذ 11 ساعة
.
شعور غبي
والله يا رحمة يا بنتي، مرات أخوكي دي مش مريحاني خالص! مش عارفة هو جبهالنا منين دي! صلي على النبي يا أمي، هي عملتلك إيه؟ دي طيبة خالص. مش بترضى تنزل تشتريلي قشاية حتى من مكانها! بتنزل كل كام يوم بالليل تسلم عليا وتطلع تاني! منها لله! سكتّ وبصيت لماما بهدوء وحزن، وبعد لحظات بصيتلها بحب وقلت: أولًا يا أمي، هي مش مجبورة تعملك حاجة، لأن دا مش فرض عليها. اللي مفروض عليها فعلاً هو خدمة جوزها وبيتها. أما أهل جوزها، فدا من باب المساعدة مش الواجب. وطالما مش عايزة تساعد، خلاص براحتها. بس حقك عليا يا ست الكل على التقصير، أنا وأيمن المفروض نهتم بيكي أكتر. ابتسمت ماما وطبطبت عليا وقالتلي: طول عمرك حنينة يا رحمة، واسمك فيه صفة منك بجد. ضحكت بفرحة وقلت: طب هقوم أعمل حاجة نشربها. دخلت المطبخ، ولسه ماسكة الموبايل، جتلي رسالتين من "تيارا" مرات أيمن. فتحتهم باستغراب، كانت باعتالي صورة لوشها، وسنانها شكلها غريب جدًا، وفمها كله مجروح. وتحتها رسالة تانية: "أقسم بالله يا رحمة، لأخلي أخوكي يمشي يندم على اللي عمله! أنا يعمل فيا كده ويسيب أثر الضرب على بقي؟!" كتبتلها بفضول: سيبك من الضرب دلوقتي، هو أنتي سنانك عاملة كده ليه؟!! ردت عليا بسرعة وبعصبية: "أنتِ مجنونة زي أخوكي أكيد! مالها سناني؟! دي أنا عملتها بـ200 ألف!" وقفت مصدومة وكتبتلها: مجنونة زي أخويا؟! و200 ألف عشان المنظر ده؟! حرام عليكي والله! بس الصدمة كانت لما ردت فورًا وقالتلي: "وإيه يعني 200 ألف؟! انتوا تحمدوا ربنا إن قاعدة معاكم يا عيلة مجانين كلها!" فضلت أبص للموبايل وأنا مش مصدقة اللي قريته، الإهانة اللي قالتها كانت تقيلة، بس اللي خلاني أتجمد مكاني مش الكلام... كان شكلها في الصورة. السنان اللي شفتها دي مش طبيعية خالص، كانت حادة، شبه المسامير، وملفوفة كأنها اتسنّت بمبرد حديد! حسّيت بدوار، قلبي اتخبط في صدري وأنا ببص للصورة تاني وتالت يمكن أكون بتهيألي... بس لا، كانت فعلاً عاملة كده. قفلِت الموبايل بسرعة وأنا حاسة بقشعريرة بتجري في جسمي، وقلت لنفسي يمكن الصورة متعدلة أو فيها فلتر غريب. طلعت بكوبايتين الشاي، وحاولت أضحك لماما وأنا بمشي ناحيتها، بس ضحكتي كانت باينة إنها متوترة. مالك يا رحمة؟ وشك متغير كده ليه؟ لا مافيش يا أمي، بس يمكن اتعبت شوية من المطبخ. عدّى اليوم بهدوء غريب، بس طول الوقت كنت سامعة صوت خطوات تيارا وهي طالعة ونازلة السلم. خطواتها كانت بطيئة ومجروحة كأنها بتسحب رجليها سحب. وبالليل، وأنا قاعدة في الأوضة، سمعت باب الشقة بيترزع بشدة وصوت أيمن بيزعق. قمت مفزوعة وخرجت، لقيته في الصالة ماسك إيده على وشه، ووشه كله غضب. في إيه يا أيمن؟! مالك؟ بصلي بحدة وقال: اسألي مراتي يا أختي! شوفي جابتني لإيه! دي مش طبيعية دي! قبل ما ألحق أرد، ظهرت تيارا من ورا الباب... بس شكلها كان غير اللي أعرفه تمامًا. وشها شاحب كأنه مافهوش نقطة د م، واللثة حوالي بُقها حمرا كأنها لسه نا زفة، والسنان الحادة اللي شفتها في الصورة كانت واضحة جدًا دلوقتي... ابتسمت ابتسامة غريبة جدًا، وقالت بصوت هادي وبارد: هو اللي بدأ الأول يا رحمة، وأنا ما بسيبش حقي. الكلمات خرجت منها كأنها مش بشرية، وأنا قلبي وقع في رجلي، وأيمن رجع خطوتين لورا وهو بيقول بخوف: انتي... انتي عاملة في نفسك إيه؟! قربت منه وهي بتضحك، بس ضحكتها كانت مرعبة، صوتها معدن، كأنه جاي من بئر عميق... وقالت: أنا؟ ولا انتو اللي نسيتوا أنا مين أصلا انطفى النور فجأة، وكل حاجة بقت سودة كأن الليل بلع البيت. ماما صرخت من الأوضة وأنا قلبي بيخبط، وإيدي بتتحسس الحيطة بدور على زر الإضاءة، بس مفيش فايدة. صوت خطوات تيارا كان بيملى الصالة، خطواتها تقيلة جدًا، كأنها ماشية برجليها العريانة على البلاط البارد، وصوتها بقى أخشن وهي بتضحك. كنتم فاكرين إنكم تعرفوني؟ الضحكة اتكررت، بس المرة دي جت من ورايا، لفّيت بسرعة وأنا بتنفس بصعوبة، بس مافيش حد. أيمن صرخ فيها: انتي اتجننتي؟! دا شكلك مرعب! بس قبل ما يكمل، النور اشتغل فجأة. اللحظة دي كانت كأنها مش حقيقية... تيارا واقفة قدامنا، عينيها لونها متغير، بقت رمادية غامقة كأنها زجاج فاضي. سنانها كلها حادة زي السكاكين، وفي دم ناشف حوالين بُقها. ماما كانت واقفة عند باب الأوضة، وشها أبيض من الخضة. صرخت وقالت: دي مش إنسانة! ابعدوا عنهااا! تيارا بصتلها ببرود، وابتسمت ابتسامة باردة وقالت: أنا كنت إنسانة... قبل ما أخوكي يبيعني. أيمن اتجمد مكانه، عينيه مليانة خوف وارتباك. تقصدي إيه؟! أنا ما عملتش فيكي حاجة! ضحكت ضحكة قصيرة وقالت: هو اللي خلاني كده... كان فاكرني بلعب سحر، بس الحقيقة هو اللي حررني. أنا كنت تايهة بين كلامها ونظراتها المجنونة، بس لفت انتباهي إن الإضاءة بقت تضعف تاني، والنور يومض كأنه بيتنفس معاها. كل مرة تاخد نفس، النور يقوى... وكل مرة تطلع النفس، النور يضعف. الجو بقى تقيل، والدنيا بردت فجأة. أيمن مدّ إيده لها وهو بيقول بصوت مرتعش: تيارا، لو في بينا مشكلة نحله... بس إنتِ محتاجة دكتور. اتحركت ناحية إيده ببطء... ولما قربت منه، فجأة اتغير شكلها، جسمها كله اتشنج، وصوت فرقعة غريبة طلع منها كأن عضمها بيتكسر. رجعت خطوتين وصرخت صرخة عالية، وكل الكهربا في البيت فصلت تاني. الظلمة التامة رجعت، ومفيش غير صوت أنفاسنا ولهاث ماما وهي بتستغفر. سمعنا صوت حاجة بتجري بسرعة ناحية الباب، وبعدين خبط جامد جدًا كأنه اتكسر. جريت على الباب، ولما فتحت... لقيت الشارع فاضي، بس باب الشقة مكسور نصين، ومفيش أي أثر ليها. أيمن كان منهار، بيبكي وهو بيقول بصوت متقطع: دي كانت بتقول الحقيقة... أنا السبب. قربت منه وقلتله: في إيه يا أيمن؟ انت عملت إيه؟ مسح دموعه وقال وهو بيكتم بكاءه: قبل ما نتجوز، كنت في الساحل، وقابلت واحدة هناك غريبة جدًا، قالتلي إنها تقدر تخليني أغنى وأقوى... بس لازم "أقبل الهدية" اللي هتدهالي. وبعدها بشهر، اتقدمت لتيارا. هي كانت الهدية يا رحمة... بس ما كنتش فاهم إن الهدية دي لعنة. قعدت على الأرض وأنا بحاول أستوعب، ماما كانت بتبكي وبتقرأ قرآن بصوت عالي. أيمن مسك الموبايل وقال: هكلم شيخ فورًا. بس قبل ما يقدر يعمل أي حاجة، الموبايل اشتغل لوحده، والصورة اللي ظهرت على الشاشة كانت وش تيارا... بتضحك، وسنانها بتلمع بنفس الشكل اللي شفته في الصورة أول مرة. وظهر على الشاشة كلام مكتوب بالدم: "اتأخرتوا... خلاص أنا رجعت." الموبايل وقع من إيده، والدنيا سكتت تمامًا. ولا صوت... ولا نفس. وبعد ثواني، سمعنا خبطة على باب الشقة... خبطة بطيئة وواضحة. بصينا لبعض بخوف، وماما همست وهي بتعيط: هي رجعت... قمت بكل قوتي ورحت ناحية الباب، مسكت المقبض بإيدي المرتعشة، ولما فتحته... ماكانش في حد. بس كان في بصمة دم على الحيطة، على شكل كف صغيرة... وتحتها مكتوب كلمة واحدة: "ابتديت." فضلنا سهرانين طول الليل، أنا وماما وأيمن، محدش قادر ينام. الهوى كان بارد جدًا والبيت كله كأن فيه حاجة بتتفرج علينا. أيمن قاعد ساكت، وشه مصفر، وأنا حاسة إن اللي قاله عن "الهدية" مش مجرد كلام خوف... لا، فيه حاجة فعلاً حصلت. قربت منه وقلت: احكيلي يا أيمن من البداية، أنا محتاجة أفهم. أخد نفس طويل وقال بصوت مبحوح: الست اللي قابلتها في الساحل كانت اسمها "سُهى"، شكلها غريب ولبسها كله أسود. قالتلي إنها تقدر تحقق أي أمنية ليّ بس بشرط أقبل الهدية اللي هتبعتها لي بعد أسبوع. وفعلاً، بعدها بأيام، اتصلت بيا واحدة قالت إنها بنتها واسمها "تيارا". من أول ما شفتها حسيت بشيء مش طبيعي... بس كنت مبهور بيها. اتجوزنا بسرعة، ومن يومها حياتي بقت غريبة. غريبة إزاي؟ كنت كل ما أغلط معاها أو أزعق، ألاقي نفسي تاني يوم متعور أو حاسس بخنقة من غير سبب. ولما حاولت أسيبها... بدأت الكوابيس. كنت ببص له بخوف وأنا بحاول أربط الكلام اللي بيقوله باللي شفته منها. يعني هي فعلاً مش بشرية؟ سُهى قالتلي بعدين إنها "روح معاقبة"، كانت إنسانة زمان وعملت شر كبير، فبقت تفضل تنتقل من جسد لجسد، تعيش مع أول راجل يقبلها لحد ما تدمره، وبعدين تنتقل للي بعده. ماما كانت بتبكي وهي بتسمع، وقالت وهي تمسك المصحف بإيدها: يبقى مفيش حل غير إننا نطردها بآيات ربنا. وفعلاً، جبنا شيخ معروف في المنطقة. جه تاني يوم الصبح، وبدأ يقرأ القرآن بصوت عالي. الغريب إن البيت كله كان بيترج من الصوت، وكأن الحيطان نفسها بتصرخ. وأول ما بدأ سورة البقرة... الباب اتفتح لوحده. دخلت تيارا، عيونها سودة خالص وسنانها رجعت حادة زي الأول، بس المرة دي كانت بتعيط، مش بتضحك. وقفت قدام الشيخ وقالت بصوت مكسور: سيبوني أخلص... أنا تعبت. الشيخ سألها: إنتِ مين؟ قالت: أنا كنت إنسانة، كنت أظلم الناس وأأذيهم، والست اللي بتقولوا عليها "سُهى" هي اللي حبستني في اللعنة دي. كل راجل يقبل "الهدية"، أنا بروح له، أعيش معاه لحد ما يتوب عن ذنوبه... وبعدين أختفي. سكتت لحظة، وبصت لأيمن والدموع بتنزل من عينيها: وإنت كنت أول واحد فعلاً ندم على كل حاجة، فدلوقتي دوري انتهى. الهوى في البيت بقى دافي فجأة، والنور اشتغل بهدوء، وصوت الشيخ كان بيكمل قراءة. تيارا ابتسمت لأول مرة من غير ما شكلها يخوف، وقالتلي وهي بتبصلي: احمدي ربك على قلبك يا رحمة... اسمك مش صدفة. وبعدين بدأت تتبخر قدامنا، جسمها اتحوّل لهوا خفيف زي الدخان، واختفت. اتسحب النور من وراها، وبعد ثواني رجع كل شيء طبيعي. الشيخ قال بهدوء: اللهم إنك رحيم حتى بالروح المعذبة. أيمن وقع على ركبته، بيعيط، وقال بصوت مكسور: خلصت؟ الشيخ قال: خلصت يا ابني، اللعنة اترفعت. بعدها رجعنا لحياتنا، ومفيش حاجة غريبة حصلت تاني. البيت بقى هادي، وماما رجعت ضحكتها، وأنا بقيت كل يوم أقعد قدام الشباك أفكر في الكلمة اللي قالتها قبل ما تمشي: "اسمك مش صدفة." يمكن فعلاً، الرحمة هي الشيء الوحيد اللي بيقدر يهزم أي ظلمة... حتى لو كانت جوه كيان ملعون. بخخ ابقي قولي رأيك لو وصلت لهنا
1
4