فاكر أول مرة كنت واقف ورا الباب بتخض من الصوت العالي؟ صوتها وهي بتزعق، صوت الكوبايات وهي بتتخبط، صوت أخويا وهو بيعيط، وأنا مش فاهم إحنا عملنا إيه عشان الليلة تقلب كده تاني كنت ببص على الحيطة وأقول في سري يمكن لما أكبر كل ده يختفي يمكن البيوت تهدى والقلوب تطبطب والأصوات توطى بس كبرت… ولقيت العكس كل ما كبرت الصوت بقى أعلى وأنا بقيت أنشف ومش بإرادتي بقيت بجري من حضن ماكنش موجود أصلاً لحد ما وصلت للّيلة دي وقلت خلاص هتكلم وهكتب وهصرخ حتى لو اتقال عليّ ولد عاق فـ قبل ما تبدأ تقرأ خُد نفس عميق وافتكر إنك دلوقتي بتقرأ لـ الولد العاق اللي مش هيروح الجنة اللي أكيد ناكر للجميل واللي لو كان ساكت ومش بيكتب كان زمانه بيصنع في حياته مجد بدل ما يبكي على أطلال الطفولة أنا العاق اللي اتربى على السُباب فكبر بيكتبه اللي اتقال له بلاش تظلم أمك فقرر يشرحلكم الظلم نفسه مش طالب تعاطفك ولا حتى تفهمك أنا هنا بفرّغ يمكن أتنفس ويمكن لا كل ما أتكلم عن أمي ألاقي ألف صوت بيقولّي متظلِمهاش دي أمك حاولت اجتهدت ربتك زي ما اتربّت هي مش ملاك بس كانت بتعمل اللي تقدر عليه ودي ثقافة أمهات متجيش عليها متعيش في دور الضحية طب أنا أسأل هو أنا مين احتواني مين عذرني مين وقف قدامي وقالّي أنا حاسس بيك ليه حقي الطبيعي في الحب والأمان بقى شيء لازم أبرر طلبي ليه لازم أكون متفهّم لحد كسرني وممنوع أعاتب ليه بيتم دفن وجعي بحجة إنها أمك طب اتجوزتوا ليه خلفتوا ليه ليه بنيتوا بيت وأنتم مش مؤهلين تبنوا نفسكم ليه إحنا ندفع تمن خيباتكم النفسية ليه إحنا نتحاسب على إنكم فاقدين أساسيات الحياة الأسرية ليه الماديات بقت أهم من المشاعر ليه الأكل والشرب واللبس بقى تعريفكم للحنان أنا مش بلعب دور الضحية أنا فعلاً ضحية ضحية صراخ يومي ضحية بيت كان فيه صوت عالي أكتر من أي حب ضحية أم شايفة إن العنف نوع من أنواع التربية وإن قسوتها نعمة وإن انهياري مبالغة وإن بكائي ضعف وإن الراجل لازم يكون جريندايزر لازم يمسح كل التروما والصدمات والجروح اللي عمرها سنين ويسكت عشان هو راجل أنا بكتب مش عشان أشتكي أنا بكتب عشان أقولكم كفاية كفاية دفن للمشاعر باسم الصبر كفاية كتم للألم باسم الرضا كفاية خنق بإيدين المفروض تكون بتحضن مش بتعاقب كفاية إننا نعيش ونموت وإحنا بنصلّح في حاجات اتكسرت جوانا وإحنا صغيرين كفاية تلويح دائم بجملة هي ربتك وكبرتك طب هي ربتني بس بأي تمن وكبرتني بس بعد ما كسّرتني كفاية لوم على اللي بيصرخ وسبات كامل للي كان السبب كفاية تبرير واهٍ وتكرار ممل إن اللي حصل حصل طيب مين هيلم اللي حصل مين هيمسح اللي جوّه مين هيحضن الراجل اللي بيضحك وفي قلبه موت ولا دي كمان هتتحوّل لنقطة ضعف وهتقولولي ماتكبر بقى كأني مش كبرت غصب عني وأنا لسه طفل المجتمع مريض بيطلب منك تبقى قوي وإنت بتنزف ويبصّلك باحتقار لو اعترفت إنك موجوع أنا مش كاره أمي بس أنا موجوع منها ومينفعش أبلع وجعي وأسكت علشان أرضي شبح البر وأنا أصلاً مش عارف أكون سليم من كتر ما اتكسرت أنا مش طالب منهم يعتذروا ولا منتظر منهم يفهموا أنا بس كنت محتاج حد يقولّي أنا مصدقك إنت اتظلمت وإنت مش لوحدك بس الظاهر إن حتى ده كتير فخلاص سكت مش لأن الجرح هِدي لأ بس لأني تعبت أشرح ألم اللي وجّعني فيه بيحب ينساه وأنا مش مستني معجزة ولا حتى لحظة تعويض أنا بس وصلت لمرحلة ما بقتش فيها محتاج حد يفهمني ولا حتى يصدقني أنا بتعامل مع الوجع كإنه ضيف دائم مع الذكرى كإنها حياة موازية ومع نفسي كإنها طفل مات وهو صاحي اللي حصل خلاني شخص تاني أهدى بس مش أطيب أعمق بس مش أسعد وأكتر حاجة وجعاني إن كل اللي جوّه قلبي بقى شيء ماينفعش يتحكي

7

6